الاثنين، ٢٤ يناير ٢٠١١

من الجاني في تفجير الإسكندرية؟؟؟


أعتقد أن الانفجار الذي دوى أمام كنيسة القديسين بالإسكندرية في الدقائق الأولى من العام 2011، لم يكن انفجار زمان ومكان، ولكنه انفجار في قلب الوطن.
انفجار أفزع كل المصريين، مسلمين ومسيحيين، وداهم الجميع هاجس البداية الكارثية لأحداث دامية، لا أعتقد أن أحداً منهما سينظر إليها بحسابات المكسب والخسارة الطائفية، ذلك ببساطة لأن كلاهما خاسر عندما يخسر الوطن.
وبشاعة الجريمة تجلت في الحجم التدميري للانفجار، وأسلوب التفجير الفردي الذي لم تعرفه مصر، وهو دليل على بداية نوعية خطيرة لم يعتدها الوطن المصري من قبل، وجاءت في الزمن الخطأ الذي يصعب على المصريين تجاوزه وهم يعانون وطأة الاستبداد السلطوي، والواقع المجتمعي الهش، والتراجع على كافة المستويات والأصعدة، هذا فضلاً عن التهديدات الخارجية الخطيرة المحدقة بالوطن من الشمال والجنوب على السواء.
من هنا يمكننا تفهم خطورة العبث السياسي والإعلامي بالقضية، ويأتي العبث السياسي المتوقع من حكومة ضعيفة معزولة عن الشارع ولا تعرف التعامل إلا بالقوة وعصا الأمن الغليظة، وهنا لن يهمها سوى دفع شبهات التقصير الحكومي، أو التهافت لاسترضاء المتضرر، وأيضاً سيكون عليها المكافحة لنفي ما التصق بها من التمييز ضد المسيحيين والتبرؤ من التقارير الخارجية التي تنسبه لسلطة الحكم في مصر.
أو توظيفها لتكريس القمع الحكومي والديكتاتورية البغيضة التي عزلت الشعب تماماً عن التمتع بحقوقه المواطنية والإنسانية، وقهره ليبقى بعيداً عن الفعل والمشاركة في إدارة شئونه.
أما العبث الإعلامي فقد جاء كالعادة دائماً خائباً متخلفاً، ومارس الإعلام معالجة الكارثة بسذاجته التي تربى عليها في أحضان الحزب الوطني، فكان كل همه أن يذيع أقوال المسيحيين والرسميين، ولا بأس باستدعاء المشايخ ليؤكدوا على قوة الوحدة الوطنية ومتانة تماسكها، ولا بأس بإطلالة رموز الحزب الوطني من المسيحيين، مع أن هذه الجريمة بداهة لا يمكن أن يتورط فيها مسلم متدين أو وطني عاقل، ولكنه الأداء الأرعن الذي طفح من نفوس مرتعبة من توجيه الاتهام بالتقصير أو التمييز فتفقد مميزاتها ومخصصاتها التي تتحصل عليها بامتهان الكذب وتزييف الحقائق، وتبرير قرارات وإجراءات السلطة الحاكمة، أو آلهة الرزق والأمان في مصر ـ كما يعتقد سدنة الحكم الديكتاتوري ـ. 
 وبالفعل جاءت المعالجة الإعلامية معبرة عن رعب السلطة الحاكمة، وكان كل همها التأكيد على الجرأة والمبادرة الإعلامية في التصدي للجريمة، أو الاهتمام بالتأكيد على حكمة الإجراءات والتدابير الفورية التي اتخذتها السلطة الحاكمة لاحتواء الكارثة الوطنية، وسلامة تعاملها معها، ومدى فاعلية رجال الأمن، وأداء الصحة المصرية وسرعة الاستجابة والتحرك ، وفي سبيل هذا لا بأس بتبادل الكلمات اللطيفة بين المسلمين والمسيحيين، والمعانقة الحارة لإقناعنا بأننا شركاء وأخوة في الوطن، في الوقت الذي لا نحتاج فيه لمثل هذه الشكليات بقدر حاجتنا إلى إقامة دولة المؤسسات الكفيلة بحماية الجميع، مسلمين ومسيحيين، حكومة ومعارضة. 
ليس فتنة طائفية
من السذاجة، إن لم يكن من الغباوة والضلال أن نقيم الجرم البشع على أنه فتنة طائفية، فهو ليس من جنسها، ولا ينتسب إليها، ولكن يمكن توصيفه إلا بالجريمة الآثمة لتفجير مصر، وتغييبها في أتون الصراع، أو دوامة العمل الانتقامي الغبي الذي يأمل المتآمرون أن يتورط فيه السذج والمتطرفون من الجانبين.
ولعل الرهان على حالة الإحباط الشعبي خاصة بعد مهزلة الانتخابات الأخيرة، والمشكلات المجتمعية كالبطالة والفقر وغياب القدوة والهدف ـ لدى الشباب خاصة ـ تنتصب كمطامع مغرية لتحقيق أهداف أعداء الوطن، والمرتزقة من ترديه وانكساره.
أعتقد أن المصريين لن ينتظروا رأي الحكومة، ولا الأدلة الجنائية، ولا تحقيقات النيابة، لأنهم يعلمون الجاني الحقيقي الذي يهدد شعب مصر، ويعمل على تقويضه.
إن التعبئة في مصر كانت قائمة على قدم وساق بين المسلمين والمسيحيين من فترة ليست بالقصيرة، وتولد عن هذه التعبئة احتقان قوي أفرز العديد من المواقف التي كانت كفيلة بنظر العقلاء لإعادة توجيه الأمور والعمل الجاد الصحيح لوقف حالة الانزلاق والتردي إلى هذا الدرك الخطير الذي يفتح الباب على مصراعيه لأصحاب المصالح في الداخل والخارج للصيد في الماء العكر، وضخ الوقود اللازم لزيادة الاشتعال والتأجيج وتهيئة مناخ مناسب لتوريط مصر على طريقة العراق واليمن والسودان والجزائر.
ولقد عبرت الجماهير المسيحية تعبيراً عفوياً عن هذا الاحتقان عندما انفجر غضبها بالاعتداء على قداسة المسجد المجاور لكنيسة القديسين.
وأيضاً في ممارسة بعض القيادات المسيحية التي نظمت مظاهرة أمام كنيسة القديسين في اليوم التالي للجريمة وطالبت بإصدار قانون العبادة الموحد، ولا أدري ما وجاهة المطالبة به في هذا التوقيت اللهم إلا استغلال ضعف السلطة الحاكمة وابتزازها.
وهل سيمنع إصدار قانون دور العبادة الموحد تكرار مثل هذه الجريمة البشعة؟
بدأ الاحتقان بين المسلمين والمسيحيين في مصر مع إعلان السلطة الحاكمة احتكار حماية المسيحيين
المصريين ليتم تحويله من شأن مواطني مصري خالص يكفله الدستور ويحكمه القانون، إلى ملف أمني
تتحكم فيه وزارة الداخلية أو رئاسة الجمهورية.
وحذر العقلاء والحكماء من المسلمين والمسيحيين السلطة الحاكمة في مصر من خطورة اللعب بورقة الطائفية، والقيام بدور الحامي للمسيحيين في مصر من المتطرفين المسلمين، وعقد الصفقات السياسية لكسب أصوات شعب الكنيسة.
لكن السلطة الحاكمة في مصر لا تمارس سياسة، وتجهل دروس التاريخ، وتنتهج الاستبداد والطغيان، وتسعى حثيثاً لكسب النفع العاجل ولو كان الثمن تهديد أمن مصر.
هل كان قرار الحراسة الأمنية للكنائس قراراً عاقلاً وفر أمناً أو منع اعتداءً عن الكنيسة؟
وما جدوى بعض الخفراء أو أمناء الشرطة في الجلوس على أبواب الكنائس؟
أكبر الجرائم
جاءت اكبر جرائم السلطة الحاكمة في مصر في التعتيم على القضايا المتعلقة بالمسيحيين، والتكتم عليها، وغياب القانون في معالجتها ظناً منهم أنهم بهذا يحمون الوحدة الوطنية، فأفسحت أفاقاً وفضاءات شاسعة للاستفهام الغاضب، وسوء الظن بين المسلمين والمسيحيين.
لماذا لم يعلم الشعب بحقيقة الأحداث التي جرت فوق أرضه، ولماذا لم يتم إدانة المتورطين فيها مسلمين أو مسيحيين حسب القانون؟
ولعل التداعي السريع بدأ من حادث الكشح، وما أثير حوله من جرأة مسيحيين وتورط أمنيين.
وتبعه مباشرة كارثة القطار التي راجت حولها شائعات كثيفة، وتحدث البعض عن أدلة وقرائن لم تجد من ينتصر للحقيقة ويعالج الشأن الخطير بإجراء قانوني علني يضع الجميع أمام مسئوليتهم عن مصر وشعبها.
وتتابعت الأحداث، والسلطة الحاكمة تخفي وتتكتم، وتتعامل معها كوقائع محرمة لا يجوز الاقتراب منها، سياسياً أو إعلامياً.
قضية وفاء قسطنطين، والعديد ممن أسلموا وأسلمن بموجب الحق الدستوري، والحرية الخاصة التي كفلها القانون والمعالجة الغبية التي تورطت فيها السلطة الحاكمة في مصر، وداست باستبدادها وغطرستها الدستور والقانون وأحكام القضاء، فهل انتصرت للمسيحيين عندما سلمت إليهم أفراداً مصريين ليحاكموهم على طريقة محاكم التفتيش فوق أرض مصر؟ أم أنها دفعت الكنيسة لمزيد من الابتزاز، وأججت نفوس المسلمين بموقفها المشين.
لماذا لم يعرف الشعب حقيقة ما نشر عن قضايا السلاح الذي يدخل إلى مصر بمعرفة قيادات كنسية، وما أشيع عن مزرعة ثروت باسيلي بطريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي، وهواجس الناس عن أسلحة مخبأة في الكنائس؟ واغتصاب أراض الدولة وضمها للأديرة بالبلطجة، ومهاجمة رجال الشرطة والاعتداء عليهم بالقوة؟
أليس من حق الشعب أن يعرف ما يجري فوق أرضه؟ أليس من حق المواطن المصري أن تخبره حكومته بالحقائق لتغلق أمامه أبواب الشائعات، ومساحات الظن السيئ؟
حادث العمرانية، وتدبير تظاهرة ضخمة حشد لها من خارج العمرانية، اعتدت عمداً على رجال الشرطة، وتجرأت على مبنى مديرية أمن الجيزة، وهو حدث لم تعرفه مصر منذ عام 1981، مع الفارق الشاسع بين الحدثين في الهدف والإجراء، وجاءت هذه الواقعة خاصة لتصدم مشاعر المصريين من الفعل السافر الذي استهدف هيبة السلطة الحاكمة، وفرض الرأي الكنسي عل القانون بالقوة، في واقعة تافهة، أو إشكال إداري يمكن حله في أحد مكاتب صغار الموظفين بالوحدة المحلية.
ومع كل ما تحرص عليه السلطة المصرية الحاكمة من ترضيات وتجاوزات للمسيحيين المصريين تتهم بأنها تمارس التمييز ضد المسيحيين المصريين.
لماذا لم تحقق السلطة المصرية في أقوال د. محمد سليم العوا عن سفينة الأسلحة أو المتفجرات التي ضبطها الأمن المصري؟
ولماذا لم يحقق مع الأنبا بشوي عندما صرح بأن المسلمين ضيوف في مصر؟
(لست أدري حتى هذه اللحظة ما هي الأسباب التي دعت الجهات القانونية إلي أن تتراخي في التعامل مع بعض من الترديدات الطائفية التي تبعثرت فوق رءوس الناس وعصفت أذهانهم خلال العام الماضي)   
(هذه النوعية من الترديدات التي تم إفساح المساحات لها علي نطاق واسع في مختلف وسائل الإعلام الخاصة.. وبمنتهي العمدية.. بل وبتنافس فيما بينها.. وصلت إلي حد أن ادعي العوا أن هناك أسلحة في الكنائس.. وبلغت حد أن قال بيشوي إن المسلمين ضيوف علي مصر.. وإن البلد بلد الأقباط.. فهل بعد هذا تحريض؟)*                                                                                         
البغل في الأبريق
المثير للدهشة والغيظ فوق كل هذا كان تصريح رئيس الجمهورية التي صدر عقب حادثة اقتحام كنيسة النجاة بالعراق.
فقد صرح الرئيس المصري: "حرصه البالغ على حماية أبناء الشعب بمسلميه وأقباطه من قوى الإرهاب والتطرف"**                                                                                                          
وإذا كنا نقدر الشعور الطيب للرئيس، إلا أننا نقول له: أن حرصكم يجب أن يكون في إقامة القانون الحاكم للشعب المصري، وتطبيق أحكام القضاء، والشفافية في معالجة المواقف والأحداث، وتفعيل نصوص الدستور التي تكفل حق المواطنة، والحريات الخاصة والعامة، وتقيم المصريين جميعاً أمام قانون واحد لا يعطله توجيه رئاسي أو قرار أمني.  
إن الشعب المصري ليس رعية عند حاكمه يحميه أو ينفيه أو يقتله وفق شهوته وهواه، الشعب مصري أصيل في الوجود والفعل والمشاركة الحضارية الإنسانية ولا يحتاج لحماية أحد أياً كان موقعه ومكانته، وما قيل عن حمايته من شخص الرئيس إهانة للشعب جميعاً وإساءة لجماهيره وتاريخه وحضارته على السواء ـ.
إن الشعب المصري يتمتع بثراء عريض، وطاقات خلاقة، وحضارة ووجود، ويملك القدرة على التغيير والفعل الإيجابي، ولكنه يفتقر لحريته وامتلاك ناصيته، ويفتقر إلى مؤسسات تدير شئونه وليس رئيساً يتكفل بحمايته.
إن كلمة السر في أمان الشعب المصري تكمن في كونه شعباً واحداً، كما تكمن الخطورة في التعامل معه كشعبين، أحدهما تحكمه وتدير شئونه سلطة الكنيسة، ويعتمد على الحماية الخارجية، ويستغل كل فرصة لتحقيق مكاسب على حساب الشعب الآخر المطحون بآلة الاستبداد والمتجرد من أي حماية خارجية أو قانونية.
لن يتحقق الأمان للمصريين إلا بإعادة الكرامة الوطنية والانتماء الوطني الذي جمع المسلمين والمسيحيين تحت راية واحدة لمواجهة الاحتلال الخارجي، وتسلط الحكم الملكي معاً، وكان مثالاً رائعاً للأداء الوطني.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* عبد الله كمال: بلد كاميليا. روز اليوسف. العدد 1687 - الاثنين - 3 يناير 2011
** مبارك يؤكد على حماية أقباط مصر b.b.c الأحد, 7 نوفمبر)

الأحد، ٢٨ مارس ٢٠١٠

رجاءً ............ أوقفوا محاكمة نائب القمار

رجاءً ............ أوقفوا محاكمة نائب القمار

هذه مناشدة من مواطن مصري إلى من يهمه الأمر. رجاءً أوقفوا محاكمة نائب القمار. قد يكون ندائي هذا مثيراً، أو مقززاً، إذ كيف أدافع عن نائب يخالف القانون، ويتربح في حماية الحصانة، ويسرق أموال الجمارك حسب القانون الذي يشرعه ويحميه؟

إنه واحد من الكتيبة التي فطنت إلى أقرب الطرق للثراء احتراف السياسة، والسياسة عندهم لا تعني أكثر من سبوبة يرتزقون منها.

من المسئول عن وصول مثل هذا المتهم إلى كرسي البرلمان، أهو الشعب أم السلطة التي فرضته على الشعب؟

القضية أكبر بكثير من هذا النائب ـ مجازاً ـ فهي ليست مجرد نائب واحد، ولكنها معايير اختيار النواب.

تأذى الشعب المصري كثيراً من فضائح النواب، نواب الكيف والقروض ونواب سميحة(زنا جماعي للنواب) ونواب النقوط والرقص العاري والتهتك مع الراقصات.

صدم الشعب المصري المسكين بفضائح نواب بيع تأشيرات الحج وتجارة الآثار والتربح من العلاج على نفقة الدولة والاستيلاء على أراضي الدولة، و..........

هذا فضلاً عن النواب الوقحين الشتامين الذين لم يسمع الشعب المسكين من شتائمهم وسبهم للدين إلا القليل، ولو تعرف على ما سجلته المضابط الصوتية من سفالة أسوأ مما يسمعونه من السفلة والسوقة وأحط المجرمين في الأوكار وغرز المخدرات.

من المسئول عن حمل هؤلاء إلى كراسي البرلمان؟

هل هؤلاء نواب حقيقيون اختارهم الشعب، وارتقوا إلى البرلمان عن جدارة واستحقاق؟

يستحيل على شعب متدين متحضر كالشعب المصري، أن ينيب عنه هذه النماذج التي كان الأولى بها دور الإصلاح والتأهيل.

بل إنه يأنف من التعامل معهم فضلاً اختيارهم نواباً له في إدارة شئونه، ومحاسبة حكومته وسن التشريعات المنظمة للمجتمع.

وإنها لإهانة قاسية أن يكون مثل هذا المتهم نائباً عن شعب مصر الطيب المسكين.

ويمكن لمن لا يعرف أن يسأل ضباط أمن الدولة عن كيفية اختيار نواب المجلس التشريعية والمحلية، وعن المعايير الحاكمة لهذا الاختيار.

ويمكنهم لزيادة الفهم والاستيعاب والاقتراب من الحقيقة المرة أن يسألوا أعضاء ما أسموه بالمجمع الانتخابي للحزب الوطني عن كيفية إجراء العملية الانتخابية الحزبية لاختيار مرشحي الحزب الحاكم؟

ودعوني أخبركم عن آخر مجمع انتخابي عقده الحزب الوطني بالفيوم لاختيار مرشح الحزب في الانتخابات التكميلية لشغل المقعد الذي خلا بوفاة الحاج يس عليوة ـ رحمه الله ـ بدائرة.

حرص أحد المرشحين البارزين على الالتقاء بجميع أعضاء المجمع الانتخابي، وتم ترضيتهم جميعاً بالأسلوب الحزبي الذي

اعتادوا عليه (نورني أتنور)، رش السيد المرشح رشة جريئة ـ كما يقولون ـ كانت كافية للإجماع عليه، ويبدو أنها

كانت سخية بما يكفي لترشيحه.

اطمأن المرشح لموقفه، وأكد له الجميع أن لا يمنعه من الترشيح إلا انعقاد المجمع (والمسألة مسألة وقت)، وانعقد المجمع، ولم يكن هناك أدنى شك في ترشيحه، ولكن كل شيء تغير فجأة بمجرد دخول أمين التنظيم أحمد عز، الذي أعلن بمجرد دخوله استبعاد المرشح المنتظر من قائمة المرشحين، وقال لهم:

ـ فلان . لأ، والنظام عندنا في الصعيد لما يموت عضو يكمل الدورة بتاعته واحد من بيته.

لم يجرؤ احد على السؤال عن سر الاستبعاد، ولكن الجميع كان يعلم أنه استبعده لأنه كما قال عز للمقربين:

ـ ما اسمعش كلامي ونزل قدام مرشح الحزب في الانتخابات التكميلية اللي فاتت، لازم يتأدب.

إنها السلطة الحاكمة التي تنفي الشرفاء والأكفاء من أبناء مصر وتفسح المجال لهؤلاء الذين ليست

لديهم أدنى فكرة عن العمل السياسي، وخطورة الكراسي التي يجلسون عليها، وهؤلاء تحديداً هم الفئة

التي تبحث عنهم السلطة الحاكمة لتمرر كل ما تشاء من قرارات وقوانين ومعاهدات.

هذه الفئة التي استنسختها السلطة هي المسئولة عن تمديد قانون الطوارئ، وتعديل الدستور على مقاس الأسرة الحاكمة وسلطتها، وصفقات الصهاينة، وتخريب اقتصاد مصر، وإقرار موزاناتها المالية المتناقضة.

هي المسئولة عن سرية ميزانيات الجيش والرئاسة وكأنهما يتمتعان بالحكم الذاتي والسيادة الخاصة.

وأظن أننا لو سألنا أحد هؤلاء النواب لضحك بملء شدقيه وقال:

ـ جعلوني مجرماً. السلطة تريد هذا النوع من البشر، لا تريد أمثالكم، والرزق يحب الخفية.

قبل أن تحاكموا هذا النائب، يجب أن تحاكموا من جعله نائباً عن الشعب، ورفعه إلى الكرسي البرلمان المصري.

لذا أتقدم إليكم أخيراً:

رجاءً أوقفوا ........ محاكمة نائب القمار، وحاكموا السلطة التي فرضته على الشعب.









الثلاثاء، ١٦ مارس ٢٠١٠

تنويعات على حكاية المواطن طه عبد التواب

تنويعات على حكاية المواطن طه عبد التواب

(1)

أنهى الدكتور طه عبد التواب اليوم الأحد 14/3/2010 إضرابه عن الطعام الذي تواصل على مدار أسبوع، قضى نصفه مضرباً تماماً عن الطعام والشراب والماء والتغذية عبر الوريد حتى أشرف على الموت، ولكنه كان خلال هذا الأسبوع أشهر مواطن مصري على الإطلاق، لأنه أصر على أنه صاحب حق في أن يعتنق الفكر الذي اقتنع به، وأنه يجب عليه أن يقول ما يريد بحرية، وان يتحرك فوق أرضه كمواطن له كامل الحقوق الإنسانية والمواطنية التي كفلها الدستور المصري، وانه يرفض ممارسات السلطة الحاكمة في مصر ممثلة في أجهزتها البوليسية الباطشة.

أعرف طه عبد التواب، أو الدكتور طه عبد التواب، كواحد من أبناء مدينتي الطيبين، وجهاً من وجوهها المحبوبة.

فهو شاب مصري بسيط، لم يشتغل يوماً بالعمل السياسي، فهو لم ينتسب طوال حياته لأي من الأحزاب المصرية، وإن كان يتابع مثل كل أبناء وطنه سير الأحداث التي تؤكد تراجع الوطن مع كل قرار حكومي، وممارسة من حزبها المهيمن على السلطة باحتكار يحسده عليه الدكتاتويات في العالم، ومعظمها نشأ وترعرع فوق الأرص العربية.

عرفت هذا المواطن البسيط المنهك بين عمله الحكومي الذي ذاق فيه مرارة قهر الوظيفة الميري، وقاسى حظاً وافراً من الظلم والاضطهاد لمجرد أنه كان يريد أن يفعل الصواب، وان يقدم الخدمة الطبية اللائقة بمريض التأمين الصحي في مصر، وبلغ مرحلة من اليأس اضطره إلى الحصول على إجازة بدون مرتب اعتقد أن هذا حدث منذ ثلاثة أعوام تقريباً.

والدكتور طه ـ حسب علمي ـ لم ينل يوماً شرف التسجيل في أمن الدولة، ولم يحظ بشرف المثول بين أحد من أشاوس أمن الدولة الذين يظنون أنفسهم حكام مصر الذين يفعلون ما يشاءون، ولا يسألون عما يفعلون،.

(2)

يمكنني بحكم الخبرة الطويلة مع ضباط امن الدولة، أن استشف سيناريو الواقعة، لأنه حال المواطن اليومي مع ضباط الشرطة وخاصة أمن الدولة.

أظن أنه عندما دخل د. طه على الضابط، رأى الأخير في سمته الطيب ضعفاً، وفي قسماته المرتخية خوفاً ورعباً من هيبة الضابط البطل الشجاع، واستشعر من صمته وهدوئه دعة وخنوعاً، وويل لمن قرأ ضابط الشرط في وجهه واحدة من هذه العلامات، لن يمنح الفرصة ليبلع ريقه، أو يمهل لحظة ليفهم ما يجري.

فالاستقبال دائماً يكون بسيل من الشتائم الحقيرة بالأم خاصة، والجمل الحارقة التي تهدر كرامة الإنسان، ويقف المواطن مذهولاً من همجية الجسد المحموم المتفجر أمامه بدون جريمة أو مبرر.

وقبل أن يستوعب المواطن المسكين ما يحدث، وغالباً ما يصاب بالشلل من هول ما يسمع، يشير الضابط إشارات ذات مغزى لآلياته البشرية، فيشتعل جسد المسكين الواقف عزلاً ناراً بفعل الأرجل والأقدام والعصي وأحياناً أسلاك الكهرباء المجدولة و........

وغالباً لا يتعدى رد فعل الضحية المسكين التساؤل عن جريمته التي لم يمهله أحداً معرفتها.

وعند انتهاء جريمة الانتهاك والسحل ـ وهي غالباً لا تنتهي حتى يشعر الزبانية بالإرهاق ـ يكون الضحية قد فقد

القدرة على السؤال، وكف رغماً عنه عن الصياح والاستنجاد، وأحياناً التوسل، إلا بعد أن أصبح جثة محطمة تسيل منها الدماء، وتعلوها السجحات والتورمات، ويشعر صاحبها بأن جميع عظامه تحطمت وليست كرامته وإنسانيته فحسب.

النفس المكومة فوق بلاط الغرفة البارد، تتجرع مرارة الظلم والقهر، وتعايش معنى العجز وقهر الرجال، ويسطع رد الفعل المباشر في الوعي المهزوم عن الكراهية، وإذا كان الضحية شاباً صغيراً قد يسأل عن حقيقة إسلام هؤلاء الذين ينتهكونه؟ أو تطبق على رئتيه علامة استفهام بوزن جبل عن سر ما يفعلونه به وهو مواطن مصري شريف لم يخن الوطن ولم يخالف قانونه؟

أعتقد أن هذا هو ما حدث مع د. طه أو قريباً منه، فلا استجوابات حقيقية، ولا قضية، ولا تسجيل في دفاتر يحاسبون عليها، وأعتقد أنه أيضاً لا يوجد تحرير لوقائع مقابلة.

ولهذا قرر الرجل الطيب الإضراب عن الطعام والشراب حتى الموت، ورفض تنفيذ أمر النيابة العامة بإجباره على تناول التغذية بالمحاليل، وهبط السكر في دمه إلى أقل من ثلاثين، ودخل في حالة غاية في الحرج، ولم تجر في عروقه إلا بعد أن أفقده الوهن الجسدي القدرة على المقاومة.

إنها كراهية المواطن البسيط للحياة بعد صدمة معايشة واقعنا الأليم.

(3)

الدكتاتوريات تستنسخ آليات بشرية، هجين آدمي تم تشكيل عقليته ومكونه الثقافي للعمل كجسد بدون عقل حاكم، تمت برمجته على طاعة الأمر وتنفيذه، ولهذا يتم تجفيف روافده الفكرية والذاتية، ويصبح تنفيذ الأمر عنده يعني حياته التي لا يعرف غيرها، وفي مقابل هذا يمنح سلطات واسعة، فأعظم معضلة تذلل بمكالمة تليفونية ولو كانت فيها مخالفات قانونية أو دستورية، وتكفيهم جملة "دواعي أمنية" لتجاوز قرارات من يملك سلطات رئيس الجمهورية في المحافظة فضلاً عن مرءوسيه.

أحد هؤلاء الضباط وهو لا يزال يعمل بمكتب أمن الدولة بالفيوم حتى الآن، استدعى جميع المدرسين المكلفين بالملاحظة في امتحانات الثانوية العامة بإحدى مدارس بني سويف ـ موطنه الأصلي ـ في إحدى السنوات إلى مكتبه بأمن الدولة بالفيوم، وأبلغهم بأن ابن أخته طالب يمتحن في المدرسة التي هم ذاهبون إليها، وهددهم من فوق كرسيه وهو جالس يشرب عصيره ويأكل الشيكولاتة، إن لم يساعدوه بغض أنظارهم عن الإجابات التي سترسل إليه من خارج اللجنة، وإلا .........

احتسب أكثرهم موقفهم عند الله، وأقسم أحدهم أنه لن يذهب للملاحظة وأبلغ القومسيون الطبي بمرضه، وأصيب بحالة قرف لفترة طويلة.

إلى هذا الفصيل العنيد ينتسب د. طه عبد التواب.

(4)

عندما علمت بالواقعة سألت محامي د. طه عن مدى قوة بلاغ النيابة القانوني؟

نظر إليَّ مندهشاً وقال:

ـ أنت بتسألني ما أنت عارف، المحضر إداري، ولا يوجد شهود، ومصيره الحفظ كسابقيه، ولن تستدعي النيابة الباشا، وإن تجرأت سينفي بقوة وقد ينفي الواقعة من أساسها، التحقيق القانوني العادل مع ضابط شرطة لن يحدث في ظل حكم الحزب الوطني الدكتاتوري، لأنه الآلة البشرية التي مكنت هذا الحزب من سرقة السلطة في مصر وترتزق من حمايته.

ـ قلت له: التحقيق القانوني وإن كان حقاً لن نفرط فيه، إلا أن الفضيحة واجبة، والدفاع عن الحقوق والموت في سبيلها شهادة.

ـ قال وهو يضحك بقوة: الحكومة متجرسة ولا تختشي، والراقصة لو استحت ما تعرت وما كشفت عن جسدها وهزته أمام عيون الناس.

الدرس البليغ الذي يجب أن يتعلمه كل مصري من د. طه عبد التواب، ذلك الشاب طيب القلب، أن قامته القصيرة قد استطالت حتى رآها جميع المصريين رمزاً للحرية، وأن هذا هو طريق الخلاص، الإصرار على الحق، وحياة الحرية مهما كلفنا ذلك من قسوة، فإن عشنا عشنا أحراراً، وإن متنا دون ذلك سنلقى رباً راضياً، ونترك وراءنا جيلاً تعلم كيف تكون الحياة.

(5)

هل أصبح تأييد د. البرادعي جريمة قانونية؟

فالرجل مصري أصيل، وعرضت عليه النخبة المصرية قيادة المعارضة بما له من ثقافة قانونية، وخبرة في الإدارة العالمية، وعلاقات دولية واسعة، هذا بالإضافة إلى انه بارقة أمل سطعت في سماء مصر الملبد بالغيوم، ورمز للخلاص من حالة التردي التي انزلق إليها الوطن.

أليس من حق مواطن مصري بسيط أن يحلم بدولة مصرية تحكمها مؤسسات علمية متخصصة، ولها مرجعية قانونية واضحة الملامح تحكم آليات العمل الفردي والجماعي؟

إن لكل مواطن مصري كامل الحق في أن يعتنق ما يشاء من أفكار، ويعبر عن أفكاره بكافة الوسائل الشرعية، وينتمي لأي من التيارات والقوة الشعبية التي يعتقد أن نصرتها في صالح وطنه بلا غضاضة أو خوف على نفسه أو رزقه أو مستقبل أبنائه.

وأن ممارسة هذا الحق هو الضمان الوحيد لتحقيقه في واقع الجماعة المصرية، وتحويله من عمل فردي يكلف الدفاع عنه الإشراف على الموت، إلى حياة يومية يتمتع بها المواطنون المصريون الذين لا يعرف معظمهم أن لهم حقوقاً إنسانية ومواطنية مغصوبة، وأنهم يعيشون القهر الذي يحول بينهم وبين المشاركة في إدارة شئونهم الداخلية والخارجية.

(6)

كان المقزز أن يبرر ضابط أمن الدولة انتهاك كرامة المواطن د. طه عبد التواب، باتهامه له بأنه من الإخوان المسلمين، وأن الإخوان وراء تضخيم هذا الحدث، وكأنه لم يرتكب جريمة بشعة، وكأنه ليس هو صانع الحدث الجريمة، وكأن الإخوان أصبحوا فزاعة في الداخل والخارج، وكأن الانتماء للإخوان المسلمين أصبح جريمة تسقط حقوق المواطنة، وتهدر إنسانية المواطن.

وكأن الإخوان المسلمون أصبحوا بني إسرائيل في قبضة فرعون يتحكم في مصائرهم، وينتقص حقوقهم، ويفعل بهم ما يمليه عليه وهمه، وما تمور به نفسه من هواجس وأراجيف.

ويأتي الضجيج الإعلامي الموجه والمتواصل ضد الإخوان المسلمين ليصب في هذا الاتجاه بقوة، ليرسخ في وعي الناس أن ما يجري على مدار الساعة من انتهاك لحقوق الإخوان المسلمين حق طبيعي للسلطة، وممارسة يومية عادية، بالمنطق الفرعوني الطغياني: " وإنا فوقهم قاهرون"، وحتى ينسى الناس حزمة من الحقائق أصبحت مجهولة، أو شبه مجهولة في الوعي الجماهيري المصري منها.

ـ أن الإخوان المسلمين هم أقدم قوة شعبية فوق الأرض المصرية والأمتين العربية والإسلامية، فهم الهيئة

الشعبية الوحيدة التي ظلت قائمة بدون انقطاع منذ عام 1928 إلى يومنا هذا، في حين أصبحت

جميع التشكيلات الشعبية والسلطوية بلونيها الأبيض والأسود التي عاصرتها جزءً من التاريخ المصري.

ـ أن الإخوان المسلمين هيئة شعبية أصيلة في هذا الوطن، وأنهم مكون رئيس في الجماعة الوطنية

المصرية، وأنهم كيان شرعي وقانوني، ولا يحق لسلطة ما أن تنفي عنهم، أو تسحب منهم، أو تنتقص

حقوقهم.

ـ أن الإخوان المسلمين هم أكبر كيان شعبي منظم في مصر، وهم الكيان القادر على الفعل والترجيح

وحسم الخيارات في أي ممارسة حرة فوق أرض الوطن، وأنهم رقم له ثقله وتأثيره في معادلة الإصلاح

والتغيير في مصر، وهذا ما يفسره بجلاء موقف السلطة الحاكمة منهم.

ـ أن الإخوان المسلمين كهيئة شعبية منظمة، قوة مصرية يجب البناء عليها، ودعمها بقوة لأنها تمثل

الحصن الجماهيري الأخير الصامد في وجه المشروع الصهيوأمريكي الجاري تنفيذه فوق أرض مصر،

والذي نجني ثماره المرة اليوم بعد تحطيم القوى المصرية بشرياً ومادياً، والقضاء على الدور المصري

العربي والإقليمي والعالمي.

ـ أنهم المؤسسة الشعبية الوحيدة التي عجزت السلطة الحاكمة عن اختراقها وإفسادها في مصر، وهم

يدفعون فاتورة باهظة في سبيل الحفاظ على نقاء فكرتهم التي اعتنقوها، ووحدتهم التي يتشبثون بها.

ـ أن العمل على إضعاف الإخوان المسلمين في مصر جريمة في حق الوطن قبل أن تكون قضية انتقاص

للحقوق الإنسانية والمواطنية، وأن الأحزاب الورقية التي نصبتها السلطة كخيالات المآتة أكبر

الخاسرين، وأن رضاها القيام بدور الدمية المعارضة من حجر السلطة الحاكمة، لا يدعم الوطن، وأن

صمتها المخزي على ما يجري بحق الإخوان المسلمين جريمة وطنية تصب مباشرة في مصلحة السلطة الحاكمة التي سرقت الحكم في مصر، وعكست اتجاه الوطن.

(7)

يعتبر البعض طه عبد التواب محظوظاً لأن اللحظة التاريخية التي وافقت حادثته ألقت بقعة كبيرة وساطعة من الضوء على قضيته، رغم أنها قضية عادية في مصر، وممارسة يومية لأمن السلطة الحاكمة.

قد يكون هذا حق.

ولكن الحق اليقيني أن هذا الحظ لم يكن له قيمة بدون وقفة الرجل وإصراره على حقه.

لقد اكتسب موقف د. طه عبد التواب قوته، ووجد له أنصاراً دعموا بقوة، وآخرون ألهمهم موقفه الكثير من الشجاعة والإصرار على انتزاع الحرية، والإصرار على الحياة الكريمة في وطن قوي عزيز.

هنا تحول الرجل الذي انتهكت حقوقه إلى رمز وطني.

هنا أيضاً يجب أن نقف أمامه ونقدم له تعظيم سلام، نقول له:

شكرا د. طه، شكراً لكم، وعينا رسالتكم البليغة، لن نسمح لأحد بانتقاص حقوقنا الإنسانية والمواطنية بعد اليوم، سندافع عنها حتى لو أشرفنا على الموت.

وعينا رسالتكم كما وعاها عبد الرحمن يوسف أثناء زيارتكم في المستشفى وعبر عنها ببلاغة الشعراء:

(أن هذه ليست حالة إنسانية بل هي قضية سياسية شكلاً وموضوعاً ونريد أن نثبت أننا تلقينا رسالة السلطة وقرأناها واستوعبناها ومزقناها، وبدورنا نرسل رسالتنا وخلاصتها أن هناك قواعد جديدة للعبة وأن عهد التنكيل بالناشطين بدون ثمن قد انتهى إلى الأبد)

وكما أعلنتم أنتم أيضاً د. طه في بيان إنها الإضراب اليوم بقولكم:

(أؤكد لكل مواطن مقهور من أبناء شعبنا العزيز أن قطار التغيير قد بدأ ولن يوقفه أحد وأن حقوقنا

المسلوبة ووطننا المقهور لابد أن يعود إلينا مرة ثانية لنعيش فيه حياة كريمة بلا إهانات وبلا استبداد وبلا أزمات متلاحقة .

كما أؤكد لمن ظنوا أن هذا الشعب قد مات ورضي بالإهانة والذل أن زمن الإرهاب والظلم والقهر والاستبداد قد انتهى إلى غير رجعة وأن حاجز الخوف الذي أرادوا تربيتنا عليه منذ عشرات السنين قد انكسر تماماً ولن تعود عقارب الساعة إلى الوراء وأهمس في آذانهم أن يعودوا لخدمة شعبنا وحمايته بدلاً من أن يكونوا أداة في يد ساداتهم وكبرائهم لإذلالنا وإرهابنا)

الجمعة، ٢٦ فبراير ٢٠١٠

جدار المهزومين وصراع الإرادة

جدار المهزومين وصراع الإرادة
الجدار الذي تغرسه الحكومة المصرية في باطن الأرض على طول الحدود مع غزة بعمق ثلاثين متراً، ويسمونه يالجدار الفولاذي، لا يعبر عن قوة مصر، ولا يعبر عن قوة حلفاء سلطتها الأمريكان والصهاينة، ولكنه يعلن بفصاحة مثيرة عن عجزهم أمام قطاع غزة، فالصراع ليس على معبر، ولا على حفر نفق، ولكنه صراع إرادات.
في الناحية المظلمة إرادة الصهاينة ومن ورائهم الأمريكان والاتحاد الأوروبي.
إرادة الصهاينة العرب الذين اخضعوا شعوبهم وأخرجوها قسراً من دائرة الفعل والمشاركة، والتقوا مع أعداءهم في العراء بلا ظلال ولا أقنعة.
أما في جانب النور والإشراق، إرادة شعب غزة الذي اختار المقاومة.
هذه هي الحقيقة المجردة، أو هذه هي اللعبة القذرة التي يمارسها أعداء الأمة هنا وهناك.
بدأت مؤامرات الصهاينة العرب على خيار المقاومة بانقلاب عسكري مباغت للقبض على قوة حماس بليل، والطغاة لا يعدمون المبررات، والعالم الغربي سيتفهم حتماً دوافعهم، بل إنه الدافع الحقيقي وراء الفعل السلطوي الغادر.
فلما أحبط الله مكرهم وفروا مذعورين إلى الضفة، ولول الصهاينة العرب وزعموا انقلاباً على الشرعية، وهم الذين كانوا يعلمون بمؤامرة الانقلاب على الشرعية التي تحيكها السلطة الفلسطينية، وإذا افترضنا حسن النية، فقد علموا بعدها، وعلموا يقيناً ما هو أسوأ منها، كمخاطر السلطة الفلسطينية على دول عربية في مقدمتها مصر.
وقدمت حماس وثائق التآمر، طلبت إجراء تحقيق عربي، فلعق الصهاينة العرب خزيهم، وهزوا أكتافهم، ومروا مرور الضالين الأغبياء، صم بكم عمي فهم لا يعقلون.
ودارت آلة الإعلام الرهيبة لتشويه حماس، وبدأ الحصار عبر الحدود، فغلقت جميع المنافذ، وحرموا حاجاتهم اليومية الإنسانية، فصبروا وأكدوا خيارهم للمقاومة.
أدخلوهم في متاهات المفاوضات، أو المساومات وما يمارسونه من ضغوط بالترهيب والترغيب، أو العصا والجزرة، ولكنهم صدموا بصلابة الرجال، ووعيهم لألاعيب الثعالب، وإدراكهم لمرامي الذئاب.
فلما عجزوا عن مجاراة الرجال، وثبت لهم يقيناً أنهم نوع لا يعرفونه من رجال العقيدة الذين باعوا أنفسهم لله، ولا تشغل الدنيا في قلوبهم مثقال ذرة، وأنهم صادقون قلوباً وألسنة، انتقلوا إلى مرحلة النار، فتحركت الآلة العسكرية الصهيونية لتذيق غزة ويلات القصف بألوان القذائف والفوسفور الأحمر تحت سمع وبصر العالم، وانتظر الصهاينة العرب بشغف لحظة الاستسلام، وأعدوا طلائعهم المتعطشة لدماء المجاهدين، ولكن الله أبى فارتدوا على أعقابهم خاسرين.
وتواصل الحصار الظالم، أو جهد العاجز الذي فضحته المقاومة، وأذله صمودها، وكاد عقله يطيش من تأثيرها الموقظ للشعوب.
رغم كل هذا ظل المقاوم ثابتاً لا يلين، وقفة مدهشة تهز إنسانيتنا بقوة، إنهم رجال مثلنا ولكن المحنة صاغتهم بقوة أصحاب محمد .
وسمع العالم صوت أطفال غزة ونساءها وهو يعلن خيار المقاومة ويظاهر حماس، وكان علينا أن نحترم خيارهم وإرادتهم، ولكن الصهاينة العرب إزدادوا إصراراً على كسر غزة لصالح الصهاينة.
قديما انتصرت إرادة آبائنا الذين نسلك على دربهم.
انتصرت إرادة بلال على إرادة أمية وأبي ابني خلف، انتصرت إرادة العبد الذي يملكه سيده ولا حيلة له معه، وعجز من كانت له الوجاهة والتملك والقدرة على الفعل.
(وكان بلال مولى أمية بن خلف الجمحي، فكان أمية يضع في عنقه حبلًا، ثم يسلمه إلى الصبيان، يطوفون به في جبال مكة، ويجرونه حتى كان الحبل يؤثر في عنقه، وهو يقول: أحَدٌ أحَدٌ، وكان أمية يشده شدًا ثم يضربه بالعصا، و يلجئه إلى الجلوس في حر الشمس، كما كان يكرهه على الجوع. وأشد من ذلك كله أنه كان يخرجه إذا حميت الظهيرة، فيطرحه على ظهره في الرمضاء في بطحاء مكة، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره، ثم يقول: لا والله لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد، وتعبد اللات والعزى، فيقول وهو في ذلك: أحد أحد، ويقول: لو أعلم كلمة هي أغيظ لكم منها لقلتها.
ومر به أبو بكر يوما وهم يصنعون ذلك به فاشتراه بغلام أسود، وقيل: بسبع أواق أو بخمس من الفضة، وأعتقه)
وانكسرت إرادة عمر يوم كان مشركة، أمام أمة فقيرة يملكها قومه بني عدى، وظل يعذبها حتى مل منها، وهي قوية صابرة تتحدى قسوة وغلظة عمر.
(ورووا أن أبا بكر مر بجارية لبني عدي بن كعب، وعمر بن الخطاب ـ قبل إسلامه ـ يعذبها على جمر الصخور الملتهبة بالقيظ ليفتنها عن دينها فما زال يضربها حتى ملَّ فكف عنها وهو يقول لها: إني أعتذر إليك فلم أتركك إلا عن ملالة.
وألح أبو بكر على عمر حتى باعه إياها)
صراع الإرادات محسوم مهما بدا للناظرين، لا توجد قوة مادية قادرة على هزيمة العقيدة، ورجال العقيدة يعلمون أنهم فائزون بإحدى الحسنيين، وأنهم يقاومون ليحيوا حياة كريمة في الدنيا، أو عند ربهم يرزقون، ولا ثالث لهما في حساب الرجال.
أما الآخرون فهم خاسرون في الدنيا والآخرة، والتاريخ الذي يتوج أحمد ياسين وأبناءه بتاج الرجولة والكرامة، سيطوق أعناق الصهاينة العرب بأشواك المذلة والمهانة، وسيضعهم مع ابن العلقمي طليعة المغول في بغداد، والمعلم يعقوب نصير الفرنسيين في مصر، ومن على شاكلتهم.
أما غزة فتوقن بأن أول شعاع لضوء النهار سيولد مع نهاية طغيان الليل.
"وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ"

السبت، ٢٣ يناير ٢٠١٠

فاعل مصر مجرور

فاعل مصر .......... مجرور
فاعل مصر كان دائماً مرفوعاً. لأنه عربي أصيل يقف في مقدمة الصف العربي، ويستفتح به دائماً، فهو الأول والأكثر ثراءّ ووجوداً على الساحة العربية
كان يقف مزهواً بهمزته التي تتوجه بين الحروف جميعاً، الكل يعرف قدره ومكانته. لقد كان الفاعل الذي تصدر عنه جميع الأفعال، يملك إرادة وقدرة على الفعل، ودائماً كان فوق المفعول به، حتى اتهم بأنه طاغية، والتصقت به التهمة، وكاد الناس يعتبرونها حقيقة.
وكان الفاعل في مصر ملكاً حقيقياً مرفوع الرأس، يختال بها ويفخر على جميع الحروف في الأبجدية العربية.
ولأن فاعل مصر دائماً مرفوع، فهو قوي بما يكفي فلا يقدر أحداً على كسره.
وكان يتخذ نائباً يعيش مرفوع الهامة بين الجميع، يحل محله ويؤدي فعله، في غيابه الإرادي أو الاضطراري.
ولكن فاعل مصر لم يعد له نائباً، أصبح وحيداً بغير نائب، فسر العلماء هذه الظاهرة الغريبة بقولين: قال فريق: فاعل خائف جبان، لا يقبل بأحد معه، يخشى أن يسلبه صلاحياته، أو يعرف سره، لأنه فاعل مزيف ودخيل على المنظومة الأبجدية.
قال آخرون: هو ضعيف بالفعل ولكن ضعفه يأتي من تشاؤمه، يرتعد من وجود نائب، لأنه يعتقد أن النائب نذير شؤم على الفاعل، هكذا صور له وهمه وخياله المريض.
ذات يوم غائم لم تطلع له شمس، دفع الرعب فاعل مصر، إلى الخروج من المنظومة الأبجدية، فخرج.
أراد أن يكون فاعلاً بمفرده، فاعلاً خارج المنظومة على طريقة النسق العربي الأصيل، ولكنه غرد وحيداً خارج السرب، شاذاً منبوذاً.
من يومها لم يعد فاعلاً، فقد القدرة على الفعل الإيجابي، وخسر مكانته في منظومة الحروف.
قالوا أنه أصبح مفعولاً به، وأقاموا الحجج والبراهين على صدقهم، والجميع يصدق هذا، الفاعل لم يعد عربياً، لأن الفاعل العربي قادر على الفعل ومرفوع.
وعندما احتار الناس في تفسير الأمر ةوأرادوا حل لغزه توجهوا إلى فقهاء اللغة، سألوهم عن سر الفاعل الذي أصبح مفعولاً به؟
قال سيبويه بلهجة ساخرة: الفاعل في العربية لا يمكن أن يكون مفعولاً به، المفعول به ضعيف دائماً، لأنه المسكين الذي يقع عليه الفعل، ولهذا فهو يأتي منصوباً.
وعندما قلنا لهم أن الفاعل عندنا مجرور، أشاح الفراء بيده ضجراً وقال: ـ الفاعل لا يأتي مجروراً أبداً، إلا في حالة شاذة، وإذا شز لا يجر، ولكن محله فقط هو الذي يصبح مجروراً، عرفنا الفاعل العربي دائماً بأنه مرفوع، يجب أن يكون مرفوعاً، وإلا فلن يكون فاعلاً!!
فما الذي يجر الفاعل عندنا؟
قلنا إن المجتمع تغير، ووسائل الجر لا تعد ولا تحصى، والضغط عليه جرفه فأصبح مجروراً، هذا واقعنا، اعتدنا من فاعلنا أنه مجرور دائماً.
قال: هذا كلام فارغ، فاعل يأتي مجرور دائماً لا يمكن أن يستقيم المعنى.
قال الأخفش غاضباً: آخر زمان فعلاً، الفاعل عندكم في مصر لم يعد فاعلاً.
ثم نظر إلى غاضباً وقال لأصحابه بصوت متوتر: قوموا بنا، هؤلاء لهجتهم غريب، لا هم عرب ولا مصريون.
قال ابن منظور بهدوء ورصانة: صبراً حتى نفهم، هل يمكن أن يصبح الفاعل عاجزاً عن الفعل. أو مجروراً، أو مفعولاً به؟
قلنا له: نعم. اكتشفنا هذا في حياتنا، وحتى الآن نحن عاجزون عن تغييره.
قال أبو الأسود: اسمعوا، سأقول لكم قولاً فصلاً، كل شيء ممكن مادام خارج المنظومة العربية، أنت تتكلمون عربية غير عربيتنا، وهذه ليست لغتنا، وهذا ليس فاعلاً، فاعلكم ليس عربياً.
هل يمكن أن يكون فاعلنا أمريكياً أو أوروبياً أو صهيونياً؟
قال سيبويه: الفاعل لا يمكن الحكم عليه إلا من فعله، فإذا لم يكن له فعل، فيمكن أن يكون أي شيء آخر ولو تحلى بهمزة مزورة، ولكنه لا يمكن أن يوصف بأنه فاعل.
قال الأخفش: وهو ينتفض واقفاً: باختصار الفاعل عندنا هو الذي يصنع الأفعال، فإذا فقد القدرة على الفعل فهو ليس بفاعل، سموه أي شيء آخر غير الفاعل، سموه مهرجاً، أو دمية، أو يمكن أن يوصف بتعبير العامة عندكم قرطاس لب.
إذا كان فاعلنا قرطاس لب، فلا حاضر ولا مستقبل، ونحن في العراء، أو خارج دائرة الحياة والزمن، ولن تجدينا الحسرة على الفاعل المفقود الذي كان يصنع الفعل، في زمن المنظومة العربية.

الجمعة، ٢٥ ديسمبر ٢٠٠٩

عفواً حواء

داهمتني هذه المشاعر الشاكرة لنصفي الرقيق فجر الأربعاء 19/4/2009 ولم أجرؤ على نشرها إلا الآن، أغمضت عيني وألقيتها هنا وحسبي أني صادق، ومن استهجن كلماتي فليعذر ضعف كهل عجز عن الصمت فباح.
عفواً حواء
ما عدت أحتمل البقاء
ما عدت قادراً والصمت يجأر داخلي
والقلب بالأسرار ناء
سأطير عصفوراً واحكي قصتي
سأكتب بالغيم على خد السماء
سأوشوش النبت البهيج بلا خجل
وأرسم الأشعار في الأرجاء
ويفوح مني ما أحس بلا وجل
وأدغدغ نجمنا الزاهي الوضاء
وأسابق الريح المزمجر في فرح
وأناجي الأموات والأحياء
آه حواء
لولا زهوراً أنبتها في حجراتنا
وشيب رأسي والحياء
لفضحت صمتى المكدود في كل الدنا
وصدحت بالمكنون في جوف الفضاء
أنا المسكين بالسر الذي
ضاقت به الجنبات والأنحاء
فارحم إلهي بفضلك من رواني
لذة وبهجة وضياء

الاثنين، ٢٦ أكتوبر ٢٠٠٩

من أوراق جاليليو المحرمة

أنا لست شاعراً، ولكنه ياتيني كنوبات موسمية، وهذه إحدى مداهماته لي فعفواً
من أوراق جاليليو المحرمة
(1)
سيدي الكاردينال
مخلوق فوق الآلهة
في المحراب شرب الخمر وبال
رسم دوائر ساحرة
وتحدث عن هرطقة وخبال
في روثته ينبت ورد وقصائد شعر
من بين أصابعه القدسية
يتجلى كل محال
يتخلق فن العهر والقهر
يستنسخ قردة
أقزام ورجال
أعشاب برية بمساحات الوطن المظلم
ترفع نخب الشيطان
ترقص للنار
تقبل ثوبه الملكي الأسود
وتسب المنظار
تلتقط شاكرة كسرة خبز متربة
تستجدي عطف الغفار
سيدي الكاردينال
عفواً
هذا جسدي في مذبحك مسجى
لكن روحي
أرفعها بيدي
أنصبها للمارين بظلمات البحر فنار



(2)

المجد للمنشور
المجدد للمنشور
إله العصر
وكل العصور
عفواً سيدي
أنا وشعاع الضوء الأبيض
كلانا مغرور
أنا وشعاع الضوء الأبيض
كلانا مقهور
كلانا مكسور



(3)

في ركن الغرفة العلوية
كومة عظم لين
وبقايا ستار
عقب سيجار محترق بتفان
وأرجل المنظار
لم يبق إلا هم
جند الكاردينال حملوا المنظار الكافر
اغتصبوا آخر نفس صالح للرئتين
آخر شربة ماء بادرة
آخر نور في العينين
لكن في صدري عصفور ينبض
بعد غروب الشمس
يتخلق في شرنقته
في جوف الليل سيولد منظار.



(4)
هنا وقف الكاردينال
نظر إلي
بصق مضغة تبغ مستهلكة
قال:
اقطع رأسك أو نقطعها
نظرت إليه بعينين سائلتين
واستجديت الكلمات
سيدي
المنظار الأحمق ضللني
أوهمني أن الأرض تدور
لا شك. كفر وفجور
هلوسة الضوء وهرطقة المنشور
الأرض يا سيدي لا تدور
أنا اعترف الآن
الأرض لا تدور
زنديق أو مقهور
من يزعم أن الأرض تدور
نحن الذين ندور حول عمود الساقية الأحمق
في بئر جاف
وأرض بور


(5)
سيدي الكاردينال
سأبوح بسر
وأنا مصلوب فوق الآلة
قرأت الحكمة في عين الجلاد
العصيان محال
حسيس العضلات الفاجر أعلن
العصيان محال
العظم المتباعد يفسح للفكرة
العصيان محال
من يقرأ بالمنظار زنديق محتال
فلترحمني حكمة آلتك العجماء
كي أنشد للعالم أجمع
العصيان محال
العصيان محال





سنورس في صباح الخميس: 23/4/2009